لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
شهر رمضان استقباله - قيامه - أصناف الناس فيه
9971 مشاهدة
أقسام الناس في القربات

إذا نظرنا الناس في هذه البلاد وجدناهم أقسامًا: فقسم منهم من الله تعالى عليهم بمحبة الصلاة، فيصلون خمس ساعات إما من أول الليل أو من آخره، وربما صلوا ستَّ ساعات أو ما أشبهها، فيصلون تضرعا ومحبة، فيخشعون فيها ويخضعون، فهؤلاء خيرة الله، فهؤلاء صفوة الله تعالى من خلقه، فهؤلاء أهل التقوى، هؤلاء هم الذين مدحهم الله تعالى بقوله: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وبقوله: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا .
وهناك قسم ثان من خير الأقسام أيضًا، وهم الذين يبيتون ليلهم يقرءون كلام الله تعالى، جماعات وفرادى، ويتدبرونه ويتعقلونه، يجدون فيه لذتهم وسلوتهم، فهؤلاء من خير الأقسام، حيث إنهم قطعوا ليلهم في عبادة، في قراءةٍ وتدبرٍ وذكرٍ ودعاءٍ ونحو ذلك.

وهناك قسم ثالث يقطعون ليلهم في تنمية أموالهم، فصاحب التجارة ينمي تجارته طوال ليله، يحسب ربحه بالدرهم أو دراهم قليلة ويترك تلاوة كتاب الله والتقرب إليه بهذه الصلاة، وصاحب الصنعة يعمل في حرفته يدوية أو نحوها، يربح ربحا دنيويا، ولو فاته الخير، ولو فاتته العبادة، ولو فاته التهجد والتقرب، يقدمون المصالح الدنيوية وما أشبهها، وهؤلاء يظهر أنهم عبيد للدنيا، حيث قدَّموا دنياهم على مصالح الآخرة.
وهناك قسم رابع يقطعون ليلهم في سهو ولهو، بغير فائدة، فمنهم من يقطع ليله في مجالس القيل والقال، وفي مجالس الكلام الذي لا أهمية له، ومنهم من يقطعون ليلهم بالتسكع في الأسواق، والذهاب والإياب، ليس لهم حاجة إلى بيع ولا شراء، وإنما يتنقلون ذهابا وإيابا، أو تجدهم أيضا جلوسا على الأرصفة ليس لهم إلا تجارة التحدث بما لا أهمية له، ثقلت عليهم الصلاة، ثقلت عليهم العبادة، ثقل عليهم القرآن، ثقلت الشريعة، وهان عليهم التسكع والتنقل ،وقطعوا الليل يريدون بذلك أن يناموا بالنهار، فلا يشعرون بألم جوع أو ظمأ في صيامهم، وهذا مقصد سيئ.
وهناك قسم خامس، يقطعون ليلهم في المعاصي والعياذ بالله- فهم يتركون العبادة ويشتغلون بالمعصية، فتجد الكثير منهم عكوفا على آلات اللهو، أو ينظرون إلى الأفلام الخليعة، ينظرون إلى الصور الفاتنة التي تبثها تلك القنوات الفضائية، والتي تعرض في الشاشات أمام الناظرين، يختارون أفلاما خليعة يعرضونها في تلك الشاشات أو يتلقون ما تبثه تلك الإذاعات، التي تفسد العقول والأخلاق، تدعو إلى الفساد، تدعو إلى ارتكاب الجرائم والمحرمات، ومع ذلك تفوتهم الخيرات، لا شك أن هؤلاء حرموا أنفسهم فضل الله تعالى ومغفرته، وارتكبوا المحرمات، وهكذا أيضا كثير يقطعون ليلهم على شرب الدخان، وتعاطي المخدرات وشرب المسكرات، وسماع الأغنيات وما إلى ذلك، فجمعوا بين ترك الطاعات وفعل المحرمات.
لا شك أن هذا تفاوت كبير بين المسلمين في هذه الليالي، فالذين يريدون الخير يجدون أبوابه مفتحة، أبواب الجنة قد فتحت، كما قال -صلى الله عليه وسلم - إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار .
فأين المتسابقون؟ أين المسارعون إلى الخيرات عباد الله؟ ألا تنتهز الفرص؟ ألا تغتنم الأوقات الشريفة؟ ألا تغتنم أيام هذا الشهر ولياليه؟ نستغلها فيما يقربنا إلى الله، بما يسبب لنا مغفرة الذنوب والعتق من النار كما كان سلفنا الصالح، وحال قدوتنا نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم -.

اللهم ارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء، نحن المذنبون وأنت الغفور، نحن الفقراء وأنت الغني، نحن عبادك وأنت مالكنا، أنت ربنا وخالقنا، أنت الذي تكفلت بأرزاقنا، أنت الذي تكفلت بأقواتنا. اللهم لا تمنع بذنوبنا فضلك، اللهم اغفر ذنوبنا، وكفر عنا سيئاتنا، وارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء، لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.